قد يكون البخل مادياً وقد يكون عاطفياً، فالبخل المادي كما ورد في موسوعة ويكبيديا هو كنز المال وجمعه وعدم إنفاقه في المباحات بحجة الخوف من المستقبل، وهو من أسوأ الصفات التى يكرهها المجتمع وتقلل من رجولة صاحبها.
والبخل درجات فهناك البخيل الذي ينفق على نفسه بل يغدق عليها، ولكنه بخيل على الناس فهو رجل بخيل، وهناك الشحيح وهو أقبح أنواع البخل وأشدها على نفسه وعلى أولاده وجيرانه وأقاربه ومعارفه وهو سيئ المعشر.
والبخل من الصفات التى تعصف بمستقبل الأسرة، ولا نقصد بذلك البخل المادي فقط بل البخل العاطفي أيضا، وهو الأكثر تأثيرا على نفسية الزوجة نظرا لما تتمتع به المرأة من رقة ومشاعر مرهفة فهي تعطى بلا حساب وتتوقع التقدير من الزوج.
والزوج حين يتصف بالبخل فإن صفته هذه تكون مكتسبة غالبا وهى نتاج خبرات وتعاملات متراكمة قد يكون إكتسبها من أبويه أو من أشخاص ذوى تأثير في حياته وقد تكون وليدة حرمان أو ظروف إجتماعية قاسية.
وتنصح الدكتورة سماح لطفي أستاذ علم الاجتماع بجامعة قناة السويس كل فتاة مقبلة على الزواج بأن تعلم أن حرص الرجل قبل الزواج ليس معناه أنه بخيل، وعلى الرجل في فترة الخطوبة أن ينفق بطريقة متزنة فخير الأمور أوسطها، فلا يبخل على خطيبته بالهدايا ولا يسرف إسرافا لا مبرر له، لأنه مطالب بتجهيزات معينة ونفقات للزواج.
ولكن من الممكن أن تكتشف الفتاة بخله عندما يتناسى المناسبات التى تشجع على الهدايا، كذلك حديثه الدائم عن غلاء الاسعار خاصة لبعض القطع اشتراها في البيت، ودائما ما يتردد في شراء الضروريات بحجة أن هناك أولويات أهم.
وهناك آثار إجتماعية ونفسية مترتبة على البخل المادي منها معاناة الزوجة والأبناء من نقص الاحتياجات الإنسانية الأساسية، أيضا فقدان الإحترام والثقة في الأب نتيجة تهاونه في الوفاء بمتطلباتهم المادية والمعيشية.
كما يعانى الأبناء من فقدان الثقة في أنفسهم فضلا عن معاناتهم من التفاوت بينهم وبين أقرانهم في المدرسة والعائلة في إشباع إحتياجاتهم الأولية وشعورهم بالحرج والدونية أمام غيرهم من أطفال الأقارب والجيران نتيجة المعاناة النفسية المستمرة من ذلك التفاوت المعيشى وقد يتطور إلى التفكك الأسرى.
أما البخل العاطفي أو الإنساني فهو بخل الزوج تجاه زوجته بالمشاعر المرهفة الرقيقة والكلمات الحانية والمعاملة الإنسانية الكريمة، وطبقا لرأى د.سماح لطفى فهذا البخل يرجع في بعض الأحيان إلى أن الرجل الشرقى يعتبر أن التعبير عن المشاعر فيه نوع من الضعف بالرغم من أن هذه المشاعر الراقية بين الزوجين بمثابة الغذاء لقلب المرأة والحياة لروحها ونفس الشيء يحتاجه الزوج أيضا ولكن لأن فاقد الشيء لا يعطيه فكيف نطالب امرأة تفتقد الدفء والرومانسية بينها وبين شريك حياتها بأن تمنحه المحبة والإهتمام.
وللأسف فهناك العديد من المشكلات الأسرية التى غالبا ما يكون سببها الأول افتقار المودة والرحمة بين الزوجين وبخل أحد شريكى الحياة العاطفى والإنساني فيا أيها الرجال رفقا بالقوارير ويا أيتها النساء رحمة بالرجال.
فقد نجد إسرافاً في النطق بكلمات المجاملة ومشاعر الإهتمام الموجهة إلى الأصدقاء والزملاء في العمل بينما الزوج هو الأَولى بمشاعر الحب وكلمات الإهتمام والمعاملة الطيبة الكريمة التى تلقى الجزاء والثواب من الله سبحانه وتعالى.
وللبخل العاطفي آثار إجتماعية وسلبية خطيرة فهو يهدد كيان الأسرة بالتفكك ويزيد من حدة المشكلات الإجتماعية والنفسية بين الزوجين لتصبح الحياة الزوجية جافة وقاسية خالية من المودة والرحمة، رغم أن الله تعالى جعل المرأة سكنا للرجل والعكس، فكيف نتصادم مع سنن الله ونتساءل بعد ذلك عن أسباب المشكلات الأسرية؟
وعلى الرجل أن يعلم أنه لا أحد يطالبه أن يكون بطلا لأحد المسلسلات التركية، ولكن رجولته تكمن في إنسانيته ورحمته بذلك الكائن الرقيق المسمى بالمرأة، وعطر المرأة يكمن في تحملها المسؤولية بحب وإشاعة أجواء البهجة والسكينة في البيت كله.
الكاتب: منى ثابت.
المصدر: موقع المستشار.